والمقصود أن يجعلهم مقرين ببعض نعمه ، ليريهم قبح ما هم عليه من الكفر. فإذا كان لا بد وأن يقولوا : هو الله ، فيقال لهم حينئذ : فلم لا تجعلون من لا يقدر على شيء أصلا شريكا له في المعبودية؟ والآية دليل على وجوب الاعتماد على الله تعالى في كل حاجة ، مع أنه برهان آخر على كمال قدرته ووحدانيته ، وإشارة إلى أن الفتوح العقلي لا يتيسر إلا بإعانة الله تعالى.
ونظير الآية : (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ، أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) [الواقعة ٥٦ / ٦٨ ـ ٦٩].
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ لا فائدة ولا جدوى من دعاء الكفار على النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ؛ لأنه لا يستجاب دعاؤهم ، ولأنه إن مات المؤمنون أو رحموا فأخر الله تعالى آجالهم ، فمن يجير الكافرين من عذاب أليم؟ فلا حاجة بهم إلى توقع السوء وانتظاره بمن آمنوا ، ولا إلى استعجال قيام الساعة ، وما عليهم لتخليص نفوسهم من العذاب إلا إعلان الإيمان والإقرار بالتوحيد والنبوة والبعث.
٢ ـ يجب الاعتماد والتوكل على الله تعالى في كل حاجة ، بعد اتخاذ الأسباب والوسائل المقدورة للبشر ، وشأن المؤمنين أن يتكلوا على الله سبحانه ، أما الكفار فيتكلون على رجالهم وأموالهم.
٣ ـ إن الله تعالى هو القادر على إمداد خلقه بالأرزاق والأمطار والمياه النابعة ، ولا أحد غير الله عزوجل يقدر على ذلك ، والله برحمته وفضله ومنّه وكرمه يمدّ عباده بما يحتاجون ، وإن كفروا وجحدوا به.