ثم ذكر الله تعالى عقابه في الدنيا أو الآخرة ، فقال :
(سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) أي سنجعل له وسما بالسواد على أنفه ، فإنه قاتل يوم بدر ، فخطم بالسيف في القتال ، قال المبرد : الخرطوم هاهنا الأنف. وعبر به إذلالا له واستخفافا به وإهانة له ؛ لأن السمة على الوجه أو الأنف شين. وقال جماعة : (سَنَسِمُهُ) سمة أهل النار ، يعني نسود وجهه يوم القيامة ، وعبر عن الوجه بالخرطوم ، فيسود وجهه بالنار قبل دخولها ، فيكون له عليه أو على أنفه علامة.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ نهى الله تعالى نبيّه ـ والنهي يقتضي التحريم ـ ومثله المؤمنون ، عن ممايلة المشركين المكذبين لرسالته ، وكانوا يدعونه إلى أن يكفّ عنهم ليكفّوا عنه ، فبيّن الله تعالى أن مما يلتهم كفر.
٢ ـ تمنى الكفار ملاينة النبي صلىاللهعليهوسلم ومصانعتهم ومجاملتهم في أديانهم ، فيلينون له في دينه ، فإنهم طلبوا أن يعبد آلهتهم مدة ، ويعبدوا إلهه مدة ، ولكن الله نهاه عن ذلك.
٣ ـ خصص الله من بين المكذبين النهي عمن اتصف بصفات عشر : هي الحلاف : الكثير الحلف ، المهين : الحقير الرأي والتمييز والتفكير ، الهمّاز : الذي يذكر الناس في وجوههم ، وهو غير اللماز : الذي يذمهم في مغيبهم ، النمام : الذي يمشي بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم ، المناع للخير : للمال أن ينفق في وجوهه ، ويمنع الناس عن الإسلام ، المعتدي : أي الظالم ، المتجاوز الحد ، صاحب الباطل ، الأثيم : الكثير الإثم والذنوب ، العتلّ : الغليظ الجافي الشديد في كفره ،