وتعنيفا على تركهم السجود في الدنيا ، وبما أنهم تكبروا عن السجود في الدنيا مع صحتهم وسلامتهم ، عوقبوا بنقيض ما كانوا عليه ، بعدم قدرتهم عليه في الآخرة إذا تجلى الرب عزوجل ، فيسجد له المؤمنون ، ولا يستطيع أحد من الكافرين ولا من المنافقين أن يسجد ، بل يعود ظهره طبقا واحدا ، كما ثبت في الحديث المتقدم.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ إن للمتقين الملتزمين أوامر الله المجتنبين نواهيه في الآخرة جنات ليس فيها إلا التنعم الخالص ، لا يشوبه ما ينغّصه كما يشوب جنات الدنيا.
٢ ـ لا تسوية في الجزاء الأخروي بين المسلمين والكفار ، أو بين الطائعين والعصاة ، وذلك بحكم الفضل والإحسان ، لا من قبيل الاستحقاق على الله شيئا.
٣ ـ استنكر الله تعالى حكم المشركين الأعوج في المساواة بينهم وبين المسلمين ، كأن أمر الجزاء مفوض إليهم ، حتى يحكموا بما شاؤوا أن لهم من الخير ما للمسلمين. واستنكر أيضا وجود كتاب سماوي يجدون فيه المطيع كالعاصي ، وأن لهم ما يختارون وما يشتهون.
ونفى أن يكون لهم عهود ومواثيق مؤكدة بالله تعالى ، يستوثقون بها في أن يدخلهم الجنة ، فليس الأمر كما يحكمون ويظنون.
٤ ـ أنكر الله تعالى عليهم كذلك أن يكون لهم كفيل بما زعموا ، قائم بالحجة والدعوى ، أو أن يكون لهم ناس شركاء ، أي شهداء يشهدون على ما زعموا ، إن كانوا صادقين في دعواهم.
٥ ـ من أنواع العذاب في الآخرة للكفار : أنهم يوم يشتد الأمر ، ويعظم