قال الزمخشري : وإنما أجري الظن مجرى العلم (اليقين) لأن الظن الغالب يقام مقام العلم في العادات والأحكام ، يقال : أظن ظنا كاليقين أن الأمر كيت وكيت.
ويؤيد المعنى الأول للآية ما ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى ، فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يدني الله العبد يوم القيامة ، فيقرّره بذنوبه كلها ، حتى إذا رأى أنه قد هلك ، قال الله تعالى : إني سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ، ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه ، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ ، أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود ١١ / ١٨]».
ثم أبان الله تعالى مصير المؤمن التقي البار أو عاقبة أمره ، فقال :
(فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ، فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ ، قُطُوفُها دانِيَةٌ) أي فهو في عيشة مرضية خالية من المكدّرات ، غير مكروهة ، في جنة مرتفعة المكان ، رفيعة القدر ، عالية المنازل ، نعيمة الدور ، دائمة الحبور ، ثمارها قريبة التناول ، يتناولها القائم والقاعد والمضطجع.
روى الطبراني عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يدخل أحد الجنة إلا بجواز : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من الله لفلان بن فلان ، أدخلوه جنة عالية ، قطوفها دانية». ورواه الضياء بلفظ : «يعطى المؤمن جوازا على الصراط : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لفلان ، أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية».
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) أي ويقال لهم : كلوا يا أيها المتقون الأبرار في الجنة من طيباتها وثمارها ، واشربوا من أشربتها أكلا وشربا