(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) أي يقال لهم : أكلا وشربا هنيئا ، أو هنئتم هنيئا ، أو متهنئين. (فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) الماضية في الدنيا.
المناسبة :
بعد الإخبار بأن جميع العباد يعرضون على الله للحساب والجزاء دون أن يخفى عليه شيء من أمورهم ، أخذ في تفصيل عرض الكتب ، ومردودها على أصحابها ، مبتدئا بأهل اليمين ، ثم بأهل الشمال.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه بيمينه يوم القيامة وفرحه بذلك ، فقال :
(فَأَمَّا (١) مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ، فَيَقُولُ : هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) أي فأما من أعطي كتابه الذي كتبته الحفظة عليه من أعماله بيمينه ، فيقول من شدة فرحه وابتهاجه لكل من لقيه : خذوا هذا الكتاب فاقرؤوا ما فيه ، لعلمه أنه صار من الناجين ، بعد أن كان خائفا مضطربا شأن أهل المحشر ، كما قال تعالى :
(إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) أي غلب على ظني أني ألاقي حسابي ، فيؤاخذني الله بسيئاتي ، ولكنه تعالى تفضل علي بالعفو ، ولم يؤاخذني بها.
والمعنى عند أكثر المفسرين : علمت وأيقنت في الدنيا أني أحاسب في الآخرة ، وأن هذا اليوم كائن لا محالة ، كما قال تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) [البقرة ٢ / ٤٦]. قال الضحاك : كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين ، ومن الكافر فهو شك. وقال مجاهد : ظن الآخرة يقين ، وظن الدنيا شك.
__________________
(١) أما : حرف تفصيل ، فصل بها ما وقع في يوم العرض.