فازبأرَّ ١ معاوية ، وتغير لونه وقال : يا جلّام أتعرف الصارخ ؟ فقلت : اللهم لا .
قال : من عذيري من جندب بن جنادة ! يأتينا كل يوم ، فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ! ثم قال : أدخلوه عليَّ .
فجيء بأبي ذر بين قوم يقودنه ، حتى وقف بين يديه ، فقال له معاوية :
يا عدو الله وعدو رسوله ! تأتينا في كل يوم ، فتصنع ما تصنع ! أما إني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان ، لقتلتك ، ولكني أستأذن فيك .
قال جلّام : وكنت أحب أن أرى أبا ذر ، لأنه رجل من قومي ، فالتفت اليه ، فاذا رجل أسمر ضَرْب ٢ من الرجال ، خفيف العارضين ، في ظهره جَنأ ٣ فأقبل على معاوية وقال :
ما أنا بعدوّ لله ولا لرسوله ، بل أنت وأبوك عدوّان لله ولرسوله . أظهرتما الاسلام ، وأبطنتما الكفر . ولقد لعنك رسول الله ( ص ) ودعا عليك مرّات ألا تشبع .
سمعت رسول الله ( ص ) يقول : اذا ولي الامة الأعين ، الواسع البلعوم ، الذي يأكل ولا يشبع ، فلتأخذ الامة حذرها منه .
فقال معاوية : ما أنا ذاك الرجل .
قال أبو ذر : بل أنت ذلك الرجل ، اخبرني بذلك رسول الله ( ص ) وسمعته يقول ـ وقد مررت به ـ : اللهم إلعنه ، ولا تشبعه الا بالتراب . . الخ . .
__________________
(١) ازبأرّ : غَضِب .
(٢) ضرب : الخفيف اللحم .
(٣) الجنأ : يقال جنیء ، جنأ ، اذا اشرف كاهله على ظهره حدبا .