فقال أبو ذر لمن حضر : أما تدرون أني صَدقتُ ! ؟
قالوا : لا والله ، ما ندري .
فقال عثمان : ادعوا الي عليا . فلما جاء ، قال عثمان لأبي ذر : أقصص عليه حديثك في بني العاص . فأعاده .
فقال عثمان لعلي عليه السلام : أسمعت هذا من رسول الله ( ص ) .
قال : لا . وقد صَدق أبو ذر .
فقال : كيف عرفت صِدقهُ ؟
قال : لأني سمعت رسول الله يقول : « ما أظلَّتِ الخضراء ، ولا أقلَّت الغبراء ، من ذي لهجة أصدقُ من أبي ذَرِّ . »
فقال من حضر : أما هذا ، فسمعناه كُلُّنا من رسول الله .
فقال أبو ذر : أحدثكم اني سمعت هذا من رسول الله ( ص ) فتتهموني ! ما كنت أظن اني أعيش حتى اسمع هذا من أصحاب محمد ١ .
وجاء في رواية الواقدي ، عن صهبان مولى الاسلميين .
قال : رأيت أبا ذر يوم دُخل به على عثمان . فقال له : أنت الذي فعلت ، وفعلت ! ؟
فقال ابو ذر : نصحتك فاستغششتني ، ونصحت صاحبك ، فاستغشني !
قال عثمان : كذبت ، ولكنك تريد الفتنة ، وتحبها ، قد انغلت ٢ الشام علينا .
فقال أبو ذر : اتبع سنة صاحبيك ، لا يكن لأحد عليك كلام .
فقال عثمان : ما لك وذلك ، لا أمّ لك !
__________________
(١) شرح النهج ٨ ص ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ـ ٢٥٩ وج ٣ منه .
(٢) النغل : الافساد بين القوم .