فلما سيَّره عثمان الى الربذة ، كان له غنيمات يعيش هو وعياله منها ، فأصابها داء يقال له النقاب ، فماتت كلها . فأصاب أبا ذر وابنته الجوع ، فقالت ابنته :
أصابنا الجوع وبقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا ! فقال لي أبي : يا بنية ، قومي بنا الى الرمل ، نطلب العبب ( نبت له حب ) فصرنا الى الرمل ، فلم نجد شيئا ، فجمع أبي رملا ، ووضع رأسه عليه ، ورأيت عينيه قد انقلبتا ، فبكيت ، فقلت له ، يا أبه كيف أصنع بك ، وأنا وحيدة ؟
فقال : يا بنيتي لا تخافي ، فاني اذا مت ، جائك من أهل العراق من يكفيك أمري ، فاني أخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك ، فقال لي : يا أبا ذر تعيش وحدك ، وتموت وحدك ، وتدخل الجنة وحدك ، يسعد بك أقوام من أهل العراق ، يتولون غسلك ، وتجهيزك ، ودفنك ، فاذا أنا مت فمدي الكساء على وجهي ، ثم اقعدي على طريق العراق ، فاذا أقبل ركب ، فقومي اليهم وقولي :
ـ هذا ابو ذر صاحب رسول الله قد توفي .
قالت : فدخل اليه قوم من أهل الربذة ، فقالوا : يا أبا ذر ، ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي ! قالوا : فما تشتهي ؟ قال : رحمة ربي ! قالوا : هل لك بطبيب ؟ قال : الطبيب أمرضني ! !
قالت ابنته : فلما عاين ، سمعته يقول : مرحبا بحبيب أتى على فاقة ، لا أفلح من ندم ! اللهم خنقني خناقك ، فوحقك إنك لتعلم أني أحب لقاءك .
قالت
ابنته : فلما مات ، مددت الكساء على وجهه ، ثم قعدت على