يا أبا ذر : إني قد سألت الله عز وجل أن يجعل رزق من أحبَّني الكَفاف ، ويعطي من يبغضني كثرة المال والولد .
يا أبا ذر : طوبى للزاهدين في الدنيا ، والراغبين في الآخرة ، الذين اتخذوا أرض الله بساطاً ، وترابها فراشاً ، ومائها طيباً ، واتخذوا الكتاب شعاراً ، والدعاء لله عز وجل دثاراً ، وقرضوا الدنيا قرضاً .
يا أبا ذر : حَرْثُ ١ الآخرة العملُ الصالح ، وحَرْثُ الدنيا ، المال والبنون .
يا أبا ذر : إن ربي تبارك وتعالى أخبرني ، فقال : وعزتي وجلالي ما أدركَ العابدون درك البكاء عندي شيئا ، واني لأبنينَّ لهم في الرفيق الأعلى قصراً لا يشركهم فيه ! قال ، قلتُ : يا رسول الله ، أيّ المؤمنين أكيس ؟ قال : أكثرهم للموت ذكرا ، وأحسنهم له استعدادا .
يا أبا ذر : اذا دخل النور القلب ، انفسح القلب ، واستوسع ، قلت : فما علاقة ذلك ؟ بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال : الإنابة الى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله .
يا أبا ذر : إتق الله ، ولا تُر الناس أنك تخشى الله ، فيكرموك وقلبُك فاجر .
يا أبا ذر : ليكن لك في كلِّ شيء نيَّة ، حتى في الأكل والنوم .
يا أبا ذر : ليعظم جلال الله في صدرك ، فلا تذكره كما يذكره الجاهل عند الكلب : اللهم إخزِه ، وعند الخنزير اللهم إخزِه .
__________________
(١) الحرث : ما يكسبه الانسان .