الله وأقررتم الوالية والوراثة في أهل بيت نبيكم ، لأكلتم من فوق رؤوسكم ، ومن تحت أقدامكم ، ولما عال ولي الله ، ولا طاش سهم من فرائض الله ، ولا اختلف إثنان في حكم الله ، إلا وجدتم علم ذلك عندهم ، من كتاب الله وسنة نبيِّه ، فأما اذا فعلتم ما فعلتم ، فذوقوا وبال أمركم ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ١ . .
وفي الشام ، كان أبو ذر يسلك نفس المسلك مع من يجتمع اليه من الناس ويحدثهم بمثل ذلك .
قال اليعقوبي : وكان يجلس في المسجد ـ يعني في الشام ـ فيقول كما كان يقول ( في المدينة ) ويجتمع اليه الناس ، حتى كثر من يجتمع اليه ، ويسمع منه ١ .
وحتى في الربذة ، منفاه الموحش المقفر ، لم تصرفه آلامه وهمومه ، ولا ما هو فيه من الاغتراب عن مواطن الايمان والجهاد ، والأصحاب الأخلاء . لم يصرفه ذلك ولم يشغله عن اكمال مسيرته التي بدأت خطاها في عهد النبي ( ص ) فظل متمسكا بمبدأه هذا ، منادياً به حين تمكنه الفرصة من ذلك ، فرصة اللقاء بمن يستمع اليه ، ويأخذ منه .
في شرح النهج ، عن أبي رافع ، قال :
أتيت أبا ذر بالربذة ، أودعه . فلما أردت الانصراف ، قال لي ، ولأناس معي : ستكون فتنة ، فاتقوا الله ، وعليكم بالشيخ : علي بن ابي طالب ، فاتبعوه .
والحق أن موقف أبي ذر من مبدأ التشيع ، كان موقفاً مثالياً يجسم لنا كل معاني الثبات والصمود ، فما كان لتلين له عريكة فيه ، ولا لتميل له
__________________
(١) تأريخ اليعقوبي ٢ / ١٧٢ .