نعم : كان أبو ذر رضي الله عنه في تلك الفترة ، قد اتخذ الشام وجوارها مقرا له ، وقد كان يقوم بدوره الرسالي فيها على أكمل وجه . هذا ما يستفاد من بقية النصوص والروايات في هذا الصدد .
جاء في رواية البلاذري :
« وقال عثمان يوما : أيجوز للامام أن يأخذ من المال ؟ فاذا أيسر قضى ؟
فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك .
فقال أبو ذر : يابن اليهوديين ، أتعلمنا ديننا ! ؟
فقال عثمان : ما أكثر أذاك لي ، وأولعك بأصحابي ! ؟ إلحق بمكتبك ! وكان مكتبه بالشام ، إلا أنه كان يقدم حاجا ، ويسأل عثمان الإذن له في مجاورة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله ، فيأذن له في ذلك . . » ١
وكلمة « مكتب » هنا ، تعني : مركز تجمع كتائب الجيش الاسلامي ، والرواية صريحة في كون إقامته بالشام لم تكن قسرا .
ويؤيدها ، ما جاء في تأريخ ابن الأثير ، قال في حوادث سنة ٢٣ :
« وفيها غزا معاوية الصائفة ( الروم ) ومعه عبَّادة بن الصامت ، وأبو أيوب الأنصاري ، وأبو ذر . . »
وقال في حوادث سنة ٢٨ :
« كان فتح قبرس على يد معاوية . . الى أن قال : ولما غزا معاوية هذه السنة ، غزا معه جماعة من الصحابة ، فيهم أبو ذر . . » ٢ الخ .
__________________
(١) الغدير ٨ / ٢٩٣ نقلا عن الانساب ٥ / ٥٢ / ٥٤ .
(٢) الكامل ٣ / ٧٧ و ٩٥ .