فقام أبو بكر ، وقال : هذا عمر وابو عبيدة ، بايعوا أيهما شئتم .
فقالا : والله لا نتولى هذا الامر عليك . . أبسط يدك حتى نبايعك .
فلما بسط يده ، وذهبا يبايعانه ، سبقهما بشير بن سعد فبايعه . فناداه الحباب بن المنذر : يا بشير ، عقَّك عَقاق * والله ما اضطرك الى هذا الامر ، إلا الحسد لابن عمك . « يعني سعداً »
ولما رأت الأوس ، ان رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع ، قام أسيد بن حضير ـ وهو رئيس الأوس ـ فبايع حسدا لسعد أيضا ، ومنافسة له أن يلي الامر ، فبايعت الأوس كلها لما بايع أُسَيد .
وحُمل سعد بن عبادة ـ وهو مريض ـ فأدخل الى منزله ، فامتنع عن البيعة في ذلك اليوم وفيما بعد ١ .
قال البراء بن عازب ـ وكان خارج السقيفة ـ في حديث له : فلم ألبث ، واذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر ، وأبو عبيدة ، وجماعة من أصحاب السقيفة ، وهم محتجزون بالأزُرِ الصنعانية ، لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه ، فمدوا يده ، فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك ، أو أبى . فانكرت عقلي !
ورأيت في الليل ، المقداد ، وسلمان ، وأبا ذر ، وعبادة بن الصامت ، وأبا الهيثم بن التيهان وحذيفة ، وعمارا ، وهم يريدون أن يعيدوا الامر شورى بين المهاجرين ٢ .
هذه صورة مختصرة أخذناها من شرح النهج ، وفيها تعبير واضح عن الطريقة التي استخدمت في عقد البيعة لأبي بكر ، وانها لم تكن عن طريق الاختيار ـ كما يدعى ـ بل تدخَّل فيها عنصر القوة والإجبار .
__________________
* من العقوق : وهو شق عصا طاعة الوالد وكل ذي رحم .
(١) شرح النهج ٦ / من ص ٦ الى ١٠ .
(٢) نفس المصدر ١ / ٢١٩ / ٢٢٠ .