ومن طليق الدلالة في هذه الآية انها تعني النهي عن هكذا تبدل في كافة الحقول ، ان يطلب الإنسان الخبيث بالطيب لنفسه او لآخرين ، مهما وردت هنا مورد اليتامى ، حيث الأصل هو عموم اللفظ لا خصوص المورد.
هذه التوصيات سلبية وايجابية تشي بواقع الجاهلية الجهلاء الظالمة بالنسبة لحقوق الضعاف ولا سيما اليتامى والنساء ، ولا نزال حتى اليوم نراهم مهضومين في مختلف حقوقهم ، لذلك نرى القرآن يسد كل الثغرات النافذة إلى حقوق الضعاف ، معالجا معاجلا بكل العلاجات الصالحة ، رعاية للأهم فالأهم حين لا يمكن الجمع بين المهم والأهم ، لكي تصبح الجماعة المؤمنة عادلة فاضلة في كل الحقول ، بريئة عن قضايا الجاهلية كلّها ، فتصلح أن تكون امة مصلحة بين الأمم ، وسطا بين الرسول وسائر الأمم.
لقد كانوا يحتالون في أموال اليتامى مختلف الحيل ، قد يحسبون البعض منها حقا شرعيا كأكل أموالهم الى أموالهم ، تحسبا اموال اليتامى التي بأيديهم كأموالهم أنفسهم فيأكلون أموالهم الى أموالهم ، غايتها كغايتها ، ولأنهم يتولّون أمورهم كآباءهم فليكونوا شركائهم في أموالهم كآبائهم ، ف «الى» هنا كما في سواها هي لمنتهى الغاية ، ولا تعني معنى «مع» كما قيل تصحيحا للمعني من (إِلَى الْمَرافِقِ) في آية الوضوء ، فانه غلط على غلط.
لقد تأرجف صاحب هذه القيلة كالأرشية في الطوى البعيدة ليحصل ـ في زعمه ـ على فتوى شيعية هي وجوب غسل اليدين من المرفقين ، فأوّل «إلى» في آية الوضوء الى «مع» واستدل بمشابه في زعمه هو (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) وهذه الآية ، وهما لا تنصرانه في تأويله ولو عنت «إلى» فيهما معنى «مع» ولن تعنه أبدا.
فعناية معنى خلاف الظاهر بقرينة في مجال لا تأتي قرينة على نفس الخلاف