الدرء عن الموت لا تحيل الدرء عن القتل فإنّ بالإمكان الابتعاد عن أسبابه ، إلّا أن الموت هنا يعم القتل ، و (ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ) حيث تعم مضاجع الموت الأعم من القتل ، وقد مضى فصل القول فيه فلا نعيد.
(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) ١٦٩.
(وَلا تَحْسَبَنَّ) خطاب لكل الحاسبين ذلك الحسبان الجاهل القاحل ، والعائشين في جوّه بتلك الدعاية المجمّدة للطاقات الحربية ، فلا تشمل رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) ، إنما هو خطاب لأهله على الأبدال ، دون من لا يخلد او لن يخلد بخلده ذلك الحسبان المناحر للإيمان ، حيث الحياة البرزخية كأصل ، ثم حياه الشهداء المفضلة على كل الأحياء ، في البرزخ ، إنها من معاريف الإيمان بفضل الشهادة وأصل الحياة بعد الموت ، مهما كان الشهداء درجات (١) كما أن سائر الصالحين درجات.
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٩٦ ـ ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ان الشهداء ثلاثة فأدنى الشهداء عند الله منزلة رجل خرج منبوذا بنفسه وماله لا يريد ان يقتل ولا يقتل أتاه سهم فأصابه فأول قطرة تقطر من دمه يغفر له ما تقدم من ذنبه ثم ...
وفيه (٩٨) اخرج البزاز والبيهقي والاصبهاني في ترغيبه عن انس بن مالك قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الشهداء ثلاثة رجل خرج بنفسه وماله محتسبا في سبيل الله لا يريد ان يقتل ولا يقتل يكثر سواد المؤمنين فان مات او قتل غفرت له ذنوبه كلها وأجير من عذاب القبر وأومن من الفزع الأكبر وزوج من الحور العين وحلت عليه حلة الكرامة ووضع على رأسه تاج الوقار والخلد ، والثاني رجل خرج بنفسه وماله محتسبا يريد ان يقتل ولا يقتل فان مات او قتل كانت ركبته مع ركبة ابراهيم خليل الرحمن بين يدي الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، والثالث رجل خرج بنفسه وماله ومحتسبا يريد ان يقتل ويقتل فان مات او قتل جاء يوم القيامة شاهرا سيفه واضعه ـ