وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٢١)
شوط من أشواط التربية الإسلامية في هذه السورة بعد ما مضت ، تنظيما لحياة المسلم على النظافة والنزاهة من رواسب الفحشاء من الجاهلية الجهلاء ، وتأديبا للعناصر الملوثة التي تقارفها من الرجال والنساء ، مع فتح السبيل حاضرا ومستقبلا للخروج عن تبعة الفحشاء ، وعضلا للنساء عن بعض حقوقهن إن أتين بالفحشاء ، وإيفاءها لهن إن لم يأتين.
والآيتان الأوليان هما اولى ما نزلت في حدّ الفاحشة زنا ولواطا ومساحقة ، فإن كلا فاحشة واللواط أفحش الفاحشة ، مهما اختصت فاحشة المساحقة بنص السنة ، فأما الزنا : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) (١٧ : ٣٢) ثم اللواط : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) (٢٧ : ٥٤).
ذلك وإن كانت الفاحشة تعم هذه الثلاث إلى سائر المعاصي الفاحشة حد العصيان أو الفاحشة إلى غير العاصي ، ولكنها هنا بمناسبة الموضوع نساء ورجالا ردف بعض هي الفاحشة الجنسية في ثالوثها النجسة النحسة ، دون عموم الفاحشة ولا خصوص الزنا إذ لم يأت باسمها.
ثم «الفاحشة» دون «فاحشة» مما تزيدها بيانا لخاصتها دون عامتها ، واختصاصها بفاحشة الزنا غير وارد مهما كانت هي السابقة الى بعض الخواطر ، ولكنها في (اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) ليست لتشمل اللواط ـ مهما عني من «يأتيانهما» استخداما لمرجعه ـ حيث المرأة لا تلوط ولا يلاط بها ، فإن إتيانها