(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢٠٠).
تلحيقة ختامية لهذه السورة تحلق على كل شروطات الايمان المفلح فرديا وجماعيا ، كنموذجة شاملة كاملة عن ناجح الايمان وفالحه وكل صالحه ، حيث يحافظ على كافة المصالح الايمانية السامية.
هنا يدعم مفلح الايمان على دعائم اربع : الصبر ـ المصابرة ـ المرابطة ـ التقوى ، والنتيجة : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
وهذه الأربع كلها مربوطة بسبيل الله لا سواه ، كما الزاوية الرابعة هي تقوى الله في كل شروطات الايمان ولا سيما الصبر والمصابرة والمرابطة.
١ «اصبروا» في الأفراح والأتراح ، في البأساء والضراء ، في تكاليف الايمان ايجابية وسلبية ، فالصبر ـ وهو رأس الايمان ـ هو زاد الطريق في هذه الدعوة الطائلة الشاقة ، الحافلة بالعقبات والحرمانات والشهوات والرغبات ، وعلى تنفّج الباطل ووقاحة الطغيان وفاحشة العصيان ووساوس الشيطان ، وعلى الجملة الصبر في كل عسرة ويسرة على طاعة الله وترك معصية الله ، والقوامة لشرعة الله ، فلا يعني صبر التخاذل والتكاسل والتغافل في حقول الايمان فانه من الشيطان.
ولان واجب الصبر ـ فقط ـ شخصيا لا يفي بصالح الجماعة المؤمنة وحده او صالح عامة الشرعة الإلهية فلذلك :
٢ «وصابروا» : صابروا في مختلف طاقاتكم ورغباتكم صيانة عن تفلتها او تلفتها في غير صالح ، وصابروا مع إخوانكم تعاونا على البر والتقوى ، وتواصيا بالحق وتواصيا بالصبر ، تكريسا لكل الطاقات لحمل بعضكم بعضا على الصبر كما تحملون أنفسكم عليه ، تعاونا وتازرا في التصابر ، وصابروا على شهوات المؤمنين ونقصهم وضعفهم وجهلهم وسوء تصورهم وانحراف طبائعهم