صاحب المال ، ولا سيما إذا أكلت ماله إلى سائر الأموال ، كأنه من أموالكم فحق لك أن تأكله دون تمييز!.
ولأن القسط ـ وهو فوق العدل ـ فرض بالنسبة لليتامى ، وهو بحاجة إلى علاج في جمع المحظورين ، حظرا عن أكل من أموالهم أم تبدل الخبيث بالطيب فتضيع ، وحظرا عن تركهم فيضيعوا.
وقد روي انه لما نزلت هذه الآية في مخالطة اليتامى فشق ذلك عليهم فشكوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنزل الله سبحانه (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) (١).
وكما يروى عن باقر العلوم (عليه السلام) ان العرب كانوا في صدر الإسلام يتجنبون مخالطة اليتامى تحرّجا وإشفاقا على دينهم فلا يأكلون لهم طعاما ولا يلبسون لهم ثوبا حتى أن الرجل منهم كان لا يستظل بجدار اليتيم احترازا لدينه واستظهارا ليقينه لما أنزل الله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) فتجنبوا حينئذ مخالطة اليتامى واستنكاح النساء منهم وعزل كل من كان يربي يتيما ويكفله ذلك اليتيم في بيت أفرده به وأخدمه خادما منقطعا إليه فشق ذلك على المسلمين فشكوا ذلك الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزلت (٢) :
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤٣٧ عن المجمع روي ... وهو المروي عن السيدين الباقر والصادق (عليهما السلام).
(٢) حقائق التأويل في متشابه التنزيل ص ٢٩١ للسيد الشريف الرضي روي عن جدنا الباقر أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهما السلام).