المصير ويترك الذي مأواه الجنة ونعم المصير؟ فكيف يفترى على رسول الهدى الغلول وصاحبه في سخط من الله وقد باء ورجع في أولاه وأخره بسخط من الله! (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) ١٦٣.
أترى (هُمْ دَرَجاتٌ) تختص بمن (اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) حيث الدرجة كأصل هي ما يرقى عليه فيرتقى كما وجلّ آيات الدرجات تعني درجات الرحمة والرضوان (١).
أم تعم إلى هؤلاء الأكارم (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) إقحاما للدرجات الخلقية الى الدرجات الخلقية : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) (٤٣ : ٣٢) فالناس كمعادن الذهب والفضة (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (٦ : ١٣٢) تشمل درجات الدركات بالأعمال السيئة.
ثم وكيف (هُمْ دَرَجاتٌ) وليسوا إلا أصحاب الدرجات بالأعمال والعقائد والصفات ، فانها مما عملوا كما في آيات؟ لأن «درجات» تعم الدرجات الخلقية في الذوات ، ثم الدرجات الخلقية تتعامل مع الذوات ، متعاكسة في تأثيرات ، فالدرجات الذاتية تنعكس على الأفعال والصفات ، وهما تنعكسان ايضا على الذوات ، إذا ف (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) ، في ذواتهم وحالاتهم وأفعالهم وصفاتهم ، فالمؤمن درجته مرتفعة والكافر درجته متّضعه ،
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤٠٦ في تفسير العياشي عن عمار بن مروان قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ ..) فقال : هم والله درجات المؤمنين عند الله وبموالاتهم ومعرفتهم إيانا يضاعف الله للمؤمنين حسناتهم ويرفع لهم الدرجات العلى.