ولقد اثرت آية الغلول وأضرابها في نفوس الجماعة المؤمنة أثرا عميقا حتى أتت بالعجاب ، فكانوا يجتنبون الخيط والمخيط (١) وكما يروى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أدوا الخيط والمخيط فانه عار وشنار يوم القيامة» (٢).
ذلك (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وهذه هي عينية التبعة أن يؤتى من غل بما غل ، سواء أكان قولا او فعلا ام شيئا غل فيه ، حيث المحشر يحشر فيه الإنسان بكل أعماله قالة وحالة وفعالة (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) وهنا (ما كَسَبَتْ) في التوفية دون «بما كسبت» مما يدل على ان المكاسب يوم الدنيا هي بنفسها الجزاء يوم الآخرة ، أن تظهر بملكوتها تحولا لها إلى الجزاء بنفسها.
(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ١٦٢.
فكيف يساوى بين ضفتي الرضوان والسخط من الله ، أن يبعث الله الساخط عليه كما يبعث الراضي عنه ، أم كيف يبتعث الذي مأواه جهنم وبئس
__________________
ـ فيقول يا رسول الله اغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفف فيقول يا رسول الله اغثني فأقول لا املك من الله شيئا قد أبلغتك.
(١) تفسير الفخر الرازي ٩ : ٧٠ روى انه (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل سلمان على الغنيمة فجاءه رجل وقال يا سليمان كان في ثوبي خرق فأخذت خيطا من هذا المتاع فخطه به فهل علي جناح؟ فقال سلمان : كل شيء بقدره فسل الخيط من ثوبه ثم ألقاه في المتاع ، وروي ان رجلا جاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشراك او شراكين من المغنم فقال أصبت هذا يوم خيبر فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شراك او شراكان من نار ، ورمي رجل بسهم في خيبر فقال القوم لما مات ، هنيئا له الشهادة فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّا والذي نفس محمد بيده ان الشملة التي أخذها من الغنائم قبل قسمتها لتلتهب عليه نارا.
(٢) المصدر وقال عليه الصلاة والسلام.