واتقوا ـ مما يجمعون من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوّف الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا ووهيدها زهادة في الآخرة.
والمجاهد في سبيل الله تشمله مغفرة الله ورحمة الله سواء أمات على فراشه ، ام ضاربا في الأرض لمعاشه ، أم قتلا في ميادين الشرف والكرامة ، فمسيرهم كلهم واحد ، كما مصيرهم الى الله الواحد : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً).
(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (١٥٩).
لقد لان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم أولاء الذين عصوه في حرب أحد بما ألانه الله ورحمه ، وهنا عرض موجز عن ذلك اللين المكين المتين مع ضعفاء المؤمنين ، دون المنافقين الذين لا يعرفون لينا ولا يعرف في شرعة الحق لهم لين.
وترى ماذا تعني «ما» في (فَبِما رَحْمَةٍ)؟ هل هي زائدة كما يتقولون؟ والزائدة بلا فائدة بائدة في القرآن العظيم!.
أظنها استفهامية في موضع العجاب : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) حيث الموقف كان يتطلب أعلى قمم الرحمة الربانية ، فكما أن (عَفَا اللهُ عَنْهُمْ) ـ وهم من عرفناهم ـ يقتضي غاية الرحمة واللين ، فكذلك الرحمة الرسالية مع هؤلاء العصاة الذين هزموا صالح المؤمنين في المعركة وجاءوا بالبوار والخسار.
وتلك الرحمة العالية كانت لزاما لتلك الرسالة الغالية ، كما ان «ولو» تحيل سلبها عنه إلى الفظاظة وغلظة القلب.
وترى إحالة الفظاظة وغلظة القلب بالنسبة للعصاة المجاهيل لا تحيلهما