بالنسبة للمؤمن الضرير الفقير الذي يستقرأ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) آيات من الذكر الحكيم ، كما افتري عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) في (عَبَسَ وَتَوَلَّى) وقد فصلنا البحث حولها ذودا عن ساحة الرسالة القدسية تلك الوصمة الغاشمة.
فمن الشروط الرئيسية لصالح الرسالة ولا سيما هذه الأخيرة الجامعة العالمية ، ان تكون لها جاذبية شاملة تجذب من بالإمكان أن ينجذب إليها فيهتدي ، فضلا عمن آمن ولمّا يكمل إيمانه.
ومن الصعب جدا كمستحيل أن يلين القائد مع جيش يتحمس للخروج في البداية ثم يضطرب ويخالف عن أمره ويضعف أمام إغراء الغنيمة وأمام إشاعة مقتل القائد وينقلب على عقبيه مهزوما هزيلا ذليلا ، ويتركه (صلى الله عليه وآله وسلم) مع قلة قليلة يثخن بالجراح وهو يدعوهم في أخراهم ، وهو مع كل ذلك لا يفزّ ولا يفظّ عليهم ، ولا بشطر كلمة فظة او عملية رثّة بذة ، بل (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) والعظيم عند الله هو إله العظمة ـ لو صح التعبير ـ!
فليس ذلك الّا أن أدركته الرحمة العاصمة الربانية كما أدركته العصمة الرسالية فلان معهم بكل لطف وحنان ، فما من احد رآه او عاشره إلا امتلأ قلبه بحبه لما كان يفيض من نفسه الرحيمة الرحيبة ، رغم كونها رهيبة ، وقد تعني «فظا» مقرونة ب (غَلِيظَ الْقَلْبِ) ، الفظاظة في مظاهر الأقوال والأفعال ، وغلظة القلب هي الفظاظة في الجوانح ، فما من أحد يغلظ قلبه إلّا وقد تفلت منه الفظاظة مهما راقب ودائب ، فلا بد للداعية أن يكون لين الجوارح والجوانح.
ذلك! ومع كل هذه يأمره الله تعالى هنا بمزيد اللين والرحمة بمثلث من زائد العناية :