١ (فَاعْفُ عَنْهُمْ) ما عصوك كقائد رسالي ، واصفح متجاوزا عما فعلوا وافتعلوا وفتكوا وهتكوا ، ولكنما العفو من جانب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس ليكفي غفرهم من جانب الله لأنهم عصوا الله في عصيان الرسول ، فليس ذلك حقا شخصيا يعفو عنه صاحبه فيعفى عنه ، بل هو بين المرسل والرسول ، ولذلك :
٢ (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) الله ، أن يغفر لهم ما سلف ، ويستر عنهم ما يأتي ويهجم من عصيان ، فقد لا يستغفرون الله ظنا منهم أن عفوك عنهم كاف ، أم تساهلا وتماحلا فيه ، ام لان استغفارهم لا يكفيه ، إذا (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٤ : ٦٤).
ثم ولا فحسب اللين والعفو والاستغفار ، بل :
٣ (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) كأنهم أولاء في محتدك في معرفة الأمر ، تشويقا لهم إلى كامل الايمان ، حيث تجعلهم ـ وهم عصاة ـ في حساب شورى الأمر ، و «الأمر» هنا أخص من الأمر في (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) فان أمر الأحكام الشرعية زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يدخل في نطاق الشورى لأن أمرها بوحي الله فانه الشارع لا سواه ، فانما هو الأمور الزمنية التي لا نص فيها قطعيا ، فان أمرها راجع الى ولي الأمر وهو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولكنه يؤمر هنا ان يشاورهم في هذه الأمور لمصلحة راجعة إلى الامة على مدار الزمن.
ثم وليس أمر انتصاب خلافة الإسلام ـ مهما كان من أهم الأمور الاسلامية ـ ليس داخلا في نطاق ذلك الأمر ، ومثلث الأمر إمرة وسياسة واحكاما مشمولة ل (أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) لأنهم في غياب الوحي الرسالي فلا