بد لهم من الشورى في كافة الأمور المشتبهة كما فصلناها على ضوء آية الشورى.
ذلك رغم ما سبق قبل قليل من شوره معهم في مرة خطيرة مرة انشأت فتا في عضد الوحدة ، إذ رأت مجموعة ـ من جراء الشورى ومخالفة رأيهم ـ أن تنسحب عن الحرب كليا ، وتحمّست أخرى للخروج ، فكان من حق القيادة الرسالية أن تنبذ الشورى معهم عن بكرتها بعد المعركة ، التي اعطت درسا كاملا أن صالح الرأي ـ فقط ـ هو ما يراه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولكن الإسلام ـ وهو ينشئ أمة خالدة ويعدها لقيادة البشرية ـ عليه أن يجعل مبدأ الشورى أصلا يرتكن عليه في كل شاردة وواردة ، وكل خالجة وخارجة.
وهذه الآية نص قاطع لأمر دله أن الشورى مبدأ رئيسي لا يقوم نظام الإسلام في قيادتيه الزمنية والروحية إلّا عليها.
صحيح أن الرسول المتلقي عن الله ليس ليحتاج إلى شوراهم ، كما وأن (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) تنهي صالح الرأي فيها إليه نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولكنّما الشورى من القائد قد تشير المقود تدريبا له كما قد تشير القائد إلى ما يغفل عنه ، ومشاورة الرسول إياهم لا تعني إلّا تدريبهم وإيصالهم بالوحي الرسالي إلى صالح الأمر ، «أما إن الله ورسوله غنيان عنها ولكن جعلها الله رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم رشدا ومن تركها لم يعدم غيا» (١) ف «ما خاب من استخار ولا ندم من استشار» (٢).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٩٠ ـ اخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب بسند حسن عن ابن عباس قال : لما نزلت (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أما ..
(٢) المصدر اخرج الطبراني في الأوسط عن انس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ...