وقد تشمل «الزنا» المساحقة اعتبارا بأنها انحراف جنسي انثوي كما الرجولي في اللواط ، بل هما أسوء سبيلا من الزنا فلا أقل من تشابه الحكم شهودا وحدا في هذه الثلاث كما جمعت في (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) وضمير الغائب المؤنث راجع الى الفاحشة المعنية منها الزنا والمساحقة.
المطلع على الفاحشة عليه أن يستشهد أربعة وشاهدها ثلاثة ، سواء أكان هو الحاكم الشرعي ام سواه ، والاستشهاد يعم محضر الفاحشة العلنية بالفعل فإن على الشاهد أن يستكمل الشهادة بحمل الآخرين مثله على تحمل الشهادة ، ام الشهادة الكاملة الحاصلة من ذي قبل ، فعلى كل من الشهود ان يستحث الباقين لإلقاء الشهادة ، كما على العالم غير الشاهد أن يستشهد الشهود الأربع لإلقائها.
«فآذوهما» ضابطة عامة بالنسبة للآتين الفاحشة في ثالوثها الجنسي ، فإن ثبتت بأربعة منكم فإيذاء في اللواط وبالنسبة للزاني أكثر مما لم تثبت بهم ، حيث الثابتة بشهود فاحشة ذات بعدين أبعدهما التجاهر الهاتك للعفة العامة بين المسلمين ، وإن لم تثبت بهم فإيذاء دون ذلك وليس ـ فقط ـ نهيا عن المنكر حيث الإيذاء هو الشوط الأخير منه وليس حكمه الحاكم ككل.
ولم تنسخ آية النور إلا شاكلة الحدّ في الفاحشات وحد الإيذاء في الزاني وأما قبل الثبوت بأربعة منكم فحكم الإيذاء باق كما كان.
وقد تلمح «فإن تابوا» أن الإيذاء معنيّ بالتوبة المصلحة ، فإن تابا وأصلحا قبل الإيذاء فلا إيذاء ، وإن استمرت الفاحشة فمستمر الإيذاء ، اللهم إلا أن تثبت بالشهود فمائة جلدة كما في آية النور.
فكل من رأى فاحشة من الثلاث عليه أن يستشهد مع إيذاء صاحبها ، فإن شهدت الأربع فمائة جلدة ، وإلا فالإيذاء ممن يرى دون النهي عن المنكر فقط.