الأمر شيئا فقد كفر بما أنزل الله على أنبياءه لقوله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)(١).
وقد يعني الأمر هنا الهدى الشاملة لكل خلق تكوينيا وتشريعيا : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٢٠ : ٥٠) هداية تناسب غايته المخلوق لها.
فهنا (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) حصر لهما بساحة الربوبية ، وعبارته الأخرى هو الرب لا سواه ، لا يشاركه أحد في خلق أو هدى ، في تكوين أو تشريع ، ولا تعني الرسالة الإلهية التي هي القمة العالية في مناصب لمن سوى الله إلا رسالة الأحكام التي يشرعها الله سبحانه.
ذلك ، وصيغة الخلق في القرآن تعني ـ دونما استثناء ـ كل الخليقة ، مادية بطاقاتها ومنها الأرواح ، فقد (خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٦ : ١٠١) ـ (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) (٧ : ١٨٥) (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (٢٥ : ٢) (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٥١ : ٤٩) (خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) (٢٢ : ٥) (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) (٣٧ : ١١).
فهذه الآيات ونظائرها تدل على تحليق الخلق على كلّ شيء ، سواء أكان خلقا متدرجا في تكونه كما السماوات والأرض برمتهما ، أم دون تدرج كما الخلق الأوّل لمكان خلقه لا من شيء ، فالمخلوق من شيء يجوز فيه التدرج ، ولكن الذي يخلق لا من شيء فلا مجال فيه لتدرج ، فغير الخلق
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٩٢ ـ أخرج ابن جرير عن عبد العزيز الشامي عن أبيه وكانت له صحبة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من لم يحمد الله على ما عمل من عمل صالح وحمد نفسه فقد كفر وحبط ما عمل ومن زعم ...