الرسوليين ، ومن ثم وعلى ضوء رسل الله يأتي دور المصلحين الرساليين.
ولأن الإصلاح الرسالي الإسلامي بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لأكثر تقدير محورا كقاعدة ـ هو الإصلاح بالقرآن ، إذ ما كان الرسول ليصلح أرض التكليف إلّا بالقرآن ـ بهامشه السنة ـ إذا فعزل القرآن وعضله عن الوسط الإسلامي إفساد هام للأرض بعد إصلاحها ، فكل الآيات الناهية عن الإفساد في الأرض ، والآمرة بإصلاحها ، تنحو ـ كأصل وأثافي وقاعدة ـ منحى القرآن.
أجل ، لقد أصلح الرسول كافة المكلفين بالقرآن ، ويتلوه كل الدعاة إلى القرآن بكل ما يحويه ، فالمفسدون بعده هم الذين (يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) (٦ : ٢٦).
فلو أنهم شعروا أنهم يهلكون أنفسهم بالنهي والنأي عن القرآن لكان يرجى أن ينتبهوا عن غفوتهم ، ولكنهم لا يشعرون بما قصّروا ، إذ سلب الله عنهم شعروهم بالمسؤولية أمام القرآن بما تهاونوا فيه. فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون.
افتكر يا أخ إن كنا زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حلقات دراسية بمسجده ، فهل كان يحنّ إلى حلقات القرآن ، أم إلى سائر الدراسات التي شغلت حوزاتنا ، التي لا تبقي مجالا لدراسة قرآنية إلّا هامشية مرضوضة مرفوضة؟! فقد يصح التعبير عن حوزاتنا انها مفسدة لأرض التكليف إذ فقدت أصلها القرآني الفائض ، إلى غيره الفاضي عن حجة القرآن.
ولقد سبق منه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرارا أن رأى جموعا في مسجده يتحدثون مختلقين أحاديث مروية ، ونظرات حولها مدوية ، فهاج هياجه عليهم ، ورفع صراخه فيهم بما يعني : هل تتنازعون في قيلات وقالات وكتاب الله بين ظهرانيكم؟!.