وهنا عرض لفرق الإفساد الكثرة ، وفرقة الإصلاح القلة للإمام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام):
«أيها الناس إنا قد أصبحنا في دهر عنود ، وزمن كنود ، يعد فيه المحسن مسيئا ، ويزداد الظالم فيه عتوا ، لا ننتفع بما علمنا ، ولا نسأل عما جهلنا ، ولا نتخوف قارعة حتى تحل بنا ـ
فالناس على أربعة أصناف ، منهم من لا يمنعه الفساد في الأرض إلا مهانة نفسه وكلالة حده ، ونضيض وفره ، ومنهم المصلت لسيفه والمعلن بشره ، والمجلب بخيله ورجله ، قد أشرط نفسه ، وأوبق دينه ، لحطام ينتهزه ، أو مقنب يقوده ، أو منبر يفرعه ، ولبئس المتجر أن ترى الدنيا لنفسك ثمنا ، وممالك عند الله عوضا ـ
ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة ، ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا ، قد طامن من شخصه ، وقارب من خطوه ، وشمر من ثوبه ، وزخرف من نفسه للأمانة ، واتخذ ستر الله ذريعة إلى المعصية ـ
ومنهم من أقعده عن طلب الملك ضئولة نفسه ، وانقطاع سببه ، فقصرته الحال على حاله ، فتحلى باسم القناعة ، وتزين بلباس أهل الزهادة ، وليس في ذلك من مراح ولا مفدى ـ
وبقي رجال غض أبصارهم ذكر المرجع ، وأراق دموعهم خوف المحشر ، فهم بين شريد ناد ، وخائف مقموع ، وساكت مكعوم ، وداع مخلص ، وثكلان موجع ، قد أخملتهم التقية ، وشملتهم الذلة ، فهم في بحر أجاج ، أحوالهم ضامرة ، وقلوبهم قرحة ، قد وعظوا حتى ملوا ، وقهروا حتى ذلوا ، وقتلوا حتى قلوا ، فلتكن الدنيا في أعينكم أصغر من حثالة القرظ ، وقراضة الجلم ، واتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم ، وارفضوها ذميمة فإنها قد رفضت من كان أشغف بها منكم» (الخطبة ٣٢).
ذلك ، وترى كيف «قريب» تأتي خيرا عن (رَحْمَةِ اللهِ) دون تحمل لأنوثتها؟ علّه لأنها مؤنث مجازي فلا يجب تحمل أنوثته لما يتحملها ، أم