الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا «وزادكم» عليهم (فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) في بساط الأرض حيث أبسطتم ببسطة في «الخلق» في أنفسكم وفي بساط الأرض إذ رزقكم أكثر منهم وبسطكم أزيد منهم (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
(قالُوا أَجِئْتَنا ..) استنكارا لهذه الجيئة الرسالية (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) من بأس الله (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ) هو الكفر والكفران ، كما (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) (١٢٥ : ٩) أي كفرا إلى كفرهم ، ثم وهو أمر العذاب مهما يستقبل واقعه ، حيث الحكم بالعذاب وإن قبل العذاب نفسه ، هو رجس على رجس الكفر.
ثم «وغضب» من الله (أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ) ليست لها مسميات فهذه تسمية فارغة ألا تكون لها مسمى إلّا بادعاء خواء بواء ، فالواقع الثابت ببرهان مفروض وان لم يسمّ باسم ، والمسمى بأي اسم دون واقع مرفوض. مهما توفرت له أسماء ، حيث التسمية لا تحتاج بمجردها إلى معونة ، إنما هو المسمى حيث يحتاج لإثباته إلى برهان ، وذلك من البراهين القاطعة لنكران أمر مدعى لا يملك من البراهين إلا أسماء تسمى : (أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) حيث الألوهية الفرعية بالنيابة لا سلطان لها إلّا ما ينزله الإله الأصل ، «فانتظروا» الرجس والغضب من ربكم (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
(فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ) في هذه الرسالة (بِرَحْمَةٍ مِنَّا) خاصة بالرساليين.
(وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) برجس وغضب (وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ) آهلين للإيمان بما عاندوا وأصروا واستكبروا استكبارا ، وقطع الدابر هو الاستئصال للأصل والنسل حيث ينسل من الصلب الدابر.
ولقد قطع الله دابر عاد بصاعقة تحملها ريح عقيم صرصر عاتية : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ ..) (٤٠ :