وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) (٧٩)
تذكر «ثمود» (٢١) مرة في (١٦) سورة ويذكر «صالح» (٩) مرة في أربع سور ، وعاد وثمود قوما صالح وهود هما من أنحس الكفرة المكذبة بالرسالات بعد قوم نوح ، لم يسبق لهم مثيل في التاريخ الرسالي عن بكرته ، ولذلك نرى كرور ذكرهم بذكرياتهم اللعينة في الذكر الحكيم ذكرى لأولي الألباب ، وأخرى لآخرين ليذكروا.
و «ثمود» من الثمد : الماء القليل ، سموا به لقلة ماءهم حيث كانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام وإلى وادي القرى ، وان أباهم هو : ثمود بن عاد بن أرم بن سام بن نوح (عليه السّلام).
(وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ..) وهنا أيضا صيغة الدعوة وصبغتها والمواجهة من طرفي الرسول والمرسل إليهم ، ذلك المثلث فيها يشبه سائر الدعوات الرسولية ، فهذه هندسة الدعوة الربانية على مدار الزمن الرسالي ، حلقات متشابهة متشابكة ترسم سلسلة واحدة.
وهنا (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) تذكر كنموذج من نماذج الآيات الربانية تدليلا على أنّ الرسل يحملون آيات رسالية بينة إضافة إلى أشخاصهم الخصوص فإنهم بأنفسهم بينات ، وكما في مقال رسل المسيح (عليه السّلام) للناكرين : (قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) (٣٦ : ١٦) حيث التربية الخاصة الراصة الربانية الباهرة في أقوالهم وأحوالهم وأفعالهم ، هي برهان لا مردّ له على رسالاتهم الربانية لمن نظر إليهم بعين عقله دون هواه.