يأتي «لوط» في (٣٧) موضعا في (١٤) سورة ، وهنا إجمال عن دعوته بمحورها السلبي : (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) مما يدل على أن هذه النكرى لم يسبق لها نظير في زمن أي بشير ونذير أن تصبح عادة متجاهرة متعوّدة كما الزواج ، في غابر الجاهليات والهمجيات ، اللهم إلّا في جاهلية القرن العشرين حيث تمضي كمادة قانون في البارلمان البريطاني!.
ذلك المراس لفاحشة اللواط بكل حراس واكتراس ، المنقطع النظير في تاريخ الإنسان ، مما جعل محور التنديد في هذه الرسالة الفرعية استنكارا لها وحوارا متواصلا بشأنها كما نجدهما بطيات آياتها.
وهنا (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) يعني الإسراف الذي ينددهم به لوط في اللواط ، تجاوزا حد الفاحشة إلى ما لا حد لها ، حيث يريقون الشهوة ويبعثرونها في غير موضع الإخصاب (١) ، فهي مجرد شهوة شاذة متخلفة ،
__________________
(١) لقد فصلنا القول حول حرمة إتيان النساء من أدبارهن على ضوء قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (٢ : ٢٢٣) وهذا هو الذي أمركم الله سماحا لأنه بعد حظر حيث وعد قبلها : «فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ» (٢٢٢) وأوردنا متواتر الأثر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ان المأتية من دبرها هي اللوطية الصغرى ، ومما ورد في ذلك ما في الدر المنثور ٣ : ١٠٠ ـ أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي (عليه السّلام) انه قال على المنبر : سلوني ، فقال ابن الكوا : تؤتى النساء في أعجازهن؟ فقال علي (عليه السّلام) : سفلت سفل الله بك ألم تسمع إله قوله (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ). ورواه عنه (عليه السّلام) في تفسير العياشي عن يزيد بن ثابت ، أقول : فاحشة إتيان الرجال من أدبارهم لا تعني إلا الإفراغ في غير موضع الإخصاب ، فهي محرمة في النساء كما في الرجال مهما اختلفت دركات الفحشاء فيها ، وهكذا المساحقة لأنها عملية غير مخصبة وكما أخرجه في الدر المنثور عن أبي حمزة قالت قلت لمحمد بن علي (عليهما السّلام) : عذب الله نساء قوم لوط بعمل رجالهم؟ قال : الله أعدل من ذلك استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ، أقول : وهكذا العادة السرية فإنها في غير إخصاب ، ولا ينافي في ذلك حل ملاعبة النساء حين تمني لأنها في طريق إتيانهن ، كما وأن الإفراغ منهن ما لم يكن لغرض انقطاع النسل مسموح حيث الباب باب الإخصاب وليس يجب الإخصاب من بابه على الدوام ، ـ