فقط ـ تلمح أنهم كانوا يبخسون الناس وينقصون كل أشياءهم وهي النواميس الخمس نفسا وعقلا ودينا ومالا وعرضا ، وكما يفسره النصان التاليان : (وَلا تَقْعُدُوا ... وَتَصُدُّونَ ..).
وأما (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فهل يعني حاضر الإيمان كما تلمح له (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)؟ وهم لمّا يؤمنوا كلهم كما هو صراح تالية الآيات! أم يعني من آمن منهم؟ ولا يختص التكليف بخيريته بهم!.
قد يعني الإيمان هنا جعل أنفسهم في أمن من زعزعات تطفيف المكيال وبخس الأشياء والإفساد في الأرض ، فإن حياة الأمن مما يهواه كل الأحياء مؤمنين رسميين أم كافرين ، أم وتعني (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بأصل الألوهية مهما كان بإشراك ، حيث الإيمان بالله مهما كان بإشراك ، من قضاياه إتباعه فيما يرجع إلى أمن الحياة ورغد العيش.
أجل (فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ ..) إنما يوفى حقه بحاضر الإيمان الموحّد بالله وبرسالاته ، فلأن الخطاب هنا يعم أهل مدين كلهم ، وفيهم من آمن رسميا وفيهم من كفر ، فقد تعني (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) لكلّ حسب إيمانه ، وهو لأقل تقدير لغوية الإيمان الطليق أن يؤمنوا أنفسهم من زعزعات الحياة فيأمنوا.
(وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)(٨٦).
«كل صراط» هنا تشمل كل جادّة جادّة ، ظاهرية وباطنية ، فصراط الفطرة والعقلية السليمة وصراط الشرعة الربانية ، أم صراط العبور للناس إلى حوائجهم ، وكل صراط إلى الحيوية الإنسانية والإيمانية ، كلها معنية من «كل صراط» حيث «توعدون» سالكيها إيعادا ، ومنه الصراط إلى شعيب بدعوته ، ومن جراء ذلك الإيعاد الإبعاد (وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً) بغي القصد وبغي الظلم ، أن تسلكوها وتسلكوا إياها عوجا ، أم تتخذوها عوجا لكم ولمن يسلكونها «واذكروا» أنتم البغات