أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٨٥).
(أَخاهُمْ شُعَيْباً) مواطنة أم وقرابة ، وهذه الدعوة الرسولية هي كسائر الدعوات بازغة بالتوحيد بنفس الصبغة والصيغة السائغة ، القاعدة التي يعلم أن منها تنبثق كل مناهج الحياة وكل أوضاعها ، كما أن منها تنبثق كل قواعد السلوك والخلق والتعامل ، فلا تستقيم الحياة بحذافيرها إلا بقاعدة وحيدة غير وهيدة هي قاعدة التوحيد الحق بحق التوحيد.
وترى (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) هي بينة الفطرة والعقلية السليمة على توحيد الله؟ وهي ليست بينات كافية لولا أن تتزود بينات رسالية.
ثم (فَأَوْفُوا الْكَيْلَ ..) تفريعا عليها تؤكد أنها بينة لهذه الرسالة الشعيبية ، حيث إن أصل التوحيد وما أشبه من أصول الدين ليست قضيتها المستقيمة اللازبة تقبّل الفروع!.
فقد يتبين من ملابسات (بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) هذه ، أنها بينة خاصة لهذه الرسالة ، مهما أجمل عن نوعيتها ، كما ولم يتبين من آيات أخرى بشأن شعيب ما هي نوعية بينته الرسولية ، وهنا البينة الحاضرة هي الرسالة اللّامحة من شعيب نفسه وكما قال رسل المسيح (عليه السّلام) : (رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) (٣٦ : ١٦) حيث الرسالة الربانية ظاهرة فيهم ، باهرة في أقوالهم وأحوالهم وأفعالهم.
ولأنهم كانوا متورطين في إفساد اقتصادي وآخر عقيدي بحذافيره ، لذلك فرع الأمر بإيفاء الكيل والمناهي اللاحقة له ب (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ).
فقد كانوا يطففون في المكيال والميزان ويبخسون الناس أشياءهم ويفسدون في الأرض بعد إصلاحها ، فركز التنديد ـ بعد الدعوة إلى التوحيد ـ على ذلك الثالوث السالوس.
وهنا «أشياءهم» المحلقة على كل أشياءهم ، دون «أموالهم» ـ