رسالة محصورة في هذين ، محسورة عن سائر القوى ، إذ لم تكن تحمل ولاية عزم تحلق على كل القرى.
ذلك ولقد بلغ من بالغ دعوته في رسالته أن يقول فيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما يرادهم به ..» (١).
وهنا بين القريتين مشاركات في دعوته الرسولية هي : الدعوة إلى عبادة الله وحده ، وإيفاء الكيل والميزان ، وترك الإخسار والبخس والإفساد في الأرض ، ثم ومفارقات هي هنا : القعود بكل صراط إيعادا ، والصد عن سبيل الله ، وهناك الأمر بتقوى الله وطاعته ، وعدم سؤال أجر على رسالته.
فقد كانت مهمة رسالته هنا وهناك الدعوة إلى توحيد الله ، وترك الإفساد اقتصاديا ، وترك الإفساد في الأرض في كل أبعاده ، وهنا إضافة النهي عن القعود بكل صراط يوعدون ويصدون عن سبيل الله ، مما يدل على أن القريتين كانتا مشتركتين في الفساد العقيدي والاقتصادي ، مهما اختلفتا في بنود أخرى من التخلفات عن شرعة الله.
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٠٣ ـ أخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن إسحاق قال : ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا ذكر شعيبا قال : ذاك .. فلما كذبوه وتوعده بالرجم والنفي من بلاده وعتوا على الله أخذهم عذاب يوم الظلة فبلغني أن رجلا من أهل مدين يقال له عمرو بن حلهاء لما رآها قال :
يا قوم ان شعيبا مرسل فذروا |
|
إنى أرى عينه يا قوم قد طلعت |
إنى أرى عينه يا قوم قد طلعت |
|
تدعو بصوت على صمانة الواد |
وانه لا يروى فيه ضحى غد |
|
إلا الرقيم يمشي بين أتجاد |
وسمير وعمران كاهناهم والرقيم كلبهم.