في تنجزه ، حيث الاصطفاء والاجتباء بحق الرسل ، المذكوران لهم في القرآن ، إنه برهان صارم لا مردّ له ، أنهم يصطفون من جموع الموحدين ، فسابقة الإشراك لهم تناحر واصطفاءهم.
إذا ف «لتعودن» لا تعود بمزرأة على شعيب ما دام احتمال عناية السلطة الزمنية من «ملتنا» قائمة ، أم والملة الروحية بعود الذين آمنوا معه فيها دونه (عليه السّلام) أم وعوده فيها مجاراة لتخيل أنه كان فيها ، ثم وليس القرآن ساكتا عن تزييف ذلك التخيل الزائف الهارف الخارف ، لمكان عساكر الآيات الدالات على سابقة الرسل السابغة بخالص الإيمان.
فالمرفوض ـ إذا ـ بين المحتملات في «لتعودن» أنه (عليه السّلام) كان في ملة الإشراك فيطلب منه العود فيها حتى لا يخرجنّ ، وتبقى سائر المحتملات قائمة على سوقها ، وكلها صالحة للعناية.
ف (لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) الزمنية تقية ، لا تمس من كرامة إيمانه من ذي قبل.
وكذلك «في ملتنا» زعما منهم أنه كان مشركا كما هم إذ كان في تقية من دينه ، والجو الرسولي في القرآن بيان لمحتد الرسل قبل ابتعاثهم أنهم مصطفون ، فهو نقض لهذه التخيلة القاحلة.
وهكذا «في ملتنا» واقعا حيث يستثنى شعيب نفسه عن المخاطبين ب «لتعودن» فانه جمع يتحمل الاستثناء ، مهما لم يتحمله (يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ) فإن شعيبا مستثنى بمحتد الرسالة المعنية بالقرآن عن أن يكون قبلها في ملة الإشراك.
ذلك ، وذلك التطلب البعيد القاحل لم يكن ليختص بقوم شعيب ، بل : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ. وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) (١٤ : ١٤)(١).
__________________
(١) راجع تفسير الفرقان آية ٤١ : ٤٥ ج ١٣ ـ ١٤