(قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ) فأنتم تكرهوننا على العود في تلك الملة المشركة زمنيا أم روحيا أم فيهما معا.
و «لو» هنا مجارات تعني حتى على فرض استحالة كراهيتنا للعود في ملتكم رغم زعمكم ، فلتفرضوا أننا لا نكرهه فتفرضوا علينا تلك العودة ، ولكن ماذا إذا كنا كارهين كراهية بساطع البرهان ، فقاطع الإيمان ، ف «لو» هنا تنديد بحتمية ذلك العود.
فالحمل على العود في ملة غير مرضية إبطالا لحرّية الانتخاب ، الحريّة لكل إنسان ، إنه حمل يخالف الفطرة والعقلية والخيرة الإنسانية.
فلو أنكم حملتمونا على ذلك العود ببرهان يقنع لكنا عائدين ، ففي عودنا دون أي برهان ، وهناك ساطع البراهين تمنعنا عنه ، إن فيه افتراء على الله ، حيث القضية الرسالية وعلى هامشها القضية الإيمانية إن ذلك العود إنما هو بأمر الله :
(قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ)(٨٩).
فهذه فرية وقحة على الله (إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ) على إيماننا ، فإن ضفة الإيمان ـ الصالح غير الكالح ـ وصفته ، تمنعان عن العود إلى اللّاإيمان ، فكما أن قالات الإيمان وحالاته وفعالاته هي من قضايا الإيمان ، فعودنا إلى ملتكم ـ إذا ـ هو أيضا من قضايا الإيمان وذلك افتراء على الله أنه يأمرنا بذلك العود (بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها) فقد نجانا من ملة الإشراك زمنيا وروحيا فكيف نعود ـ إذا ـ فيها (وَما يَكُونُ لَنا) بصفة الإيمان