(أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا) لكي يكون العود أيضا بصفة الإيمان ، على ضوء مشيئة الله ، فها نحن مستسلمون لله خروجا أم عودا.
صحيح أن الله لا يشاء ولن. أن نعود فيها ، ولكن مشيئته الطليقة بعد حاكمة حكيمة ، فلو شاء لنا الإشراك لأشركنا بأمره وهو ـ إذا ـ من التوحيد ، كما شاء لنا التوحيد فوحّدناه بأمره ، فنحن على أية حال تحت أمره وإمرته ورهن إشارته ومشيئته قضية كامل الإيمان وشامله.
وذلك أدب ولي الله مع الله أنه لا يمشي على هواه وإن كانت في عدم العودة إلى ملة الإشراك ، فلذلك يستثني عدم عودته إليها بمشيئة الله! فلأن قضية الإيمان الصادق بالله ومشيئة الله هي التوحيد لله وعدم الانخراط في سلك المشركين بالله (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها) اللهم (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا) أن نعود فيها ، فالعودة ـ إذا ـ هي قضية الإيمان بالله ، وهي من توحيد الله في طاعته وعبادته ، كما الخروج عنها قضية الإيمان ، وقضية التسليم السليم لله أن نأتمر بأمر الله خروجا وعودا دونما وقفة لنفكر ما هو المغزى هنا وهناك ، فإنه ـ إذا ـ عبادة العقلية والمصلحية ، دون خالص العبودية لله.
أجل وذلك هو رسم العبودية الوحيدة غير الوهيدة ألا يمنع العبد أي مانع منها مهما كان قاطعا لا حول عنه ، ومن أمثاله الأمثال قصة إبراهيم في ذبح إسماعيل ، حيث البراهين كلها معسكرة على حرمته ، ولكن أمر الله تعالى يغضي كلها ، بارزا وحيدا في الميدان.
ففيما تعلم مصلحة في أمر من الله أو نهي فالطاعة سهلة ، وفيما لا تعلم مصلحة ولا مفسدة ، فهي صعبة ، وأما فيما تكرس الآيات آفاقية وأنفسية أن فيه مفسدة ولكن الله يأمرك به دون ريبة ، فالطاعة صعبة ملتوية ، وهنا لك البلية العظيمة التي ، الساقطون فيها كثير ، والناجحون قليل قليل.
وهنا الجمع بين اسمي الله : (اللهُ رَبُّنا) للتدليل على أن قضية ربوبيته الشاملة التسليم له كما يشاء ، ولو شاء الإشراك أم أيا كان من ملة من الملل ، أو نحلة من النحل.