فألوهيته تقتضي توحيده ، كما هو قضية ربوبيته ، فهو الواحد إلها وهو الواحد ربا ، فلو شاء أن نشرك به وهو الواحد في ربوبيته ، أو أن ندخل في ملة الإشراك زمنيا تقية أماهيه من مبرر ، لكنا داخلين قضية التسليم الطليق لله ربنا.
فنحن المجاهيل و (وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) فلو يعلم أن في العود في ملتكم خيرا فأمرنا به لعدنا ، ولكنه لا يعلم فيه خيرا إذ ليس فيه إلّا شر : (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (٤٩ : ١٦) (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ) (١٣ : ٣٣) ـ (قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١٠ : ١٨). وعدم علمه بشيء يوازي عدم ذلك الشيء.
ولأن الله لا يشاء أن نعود في ملتكم ولن ، فنحن إذا صامدون في توحيده وفي الابتعاد عن ملتكم روحيا وزمنيا ، فلن ندخل ـ إذا ـ في ملتكم أبدا.
وحين تهددوننا بإخراجنا من قريتكم ـ كأنها هي قريتكم دوننا ـ فليست العقيدة الصالحة تنثلم وتتلعثم أو تتزعزع أمام أي تهديد ووعيد ف (عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا) لا سواه ، وإليه انقطعنا لا سواه (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ).
ذلك ، ونفس العود في ملة الإشراك هو افتراء على الله ، كأن لا خير في ملة التوحيد قضية طبيعة الحال في التحيز بين الملتين ، فاختيار ملة الإشراك على ملة التوحيد.
فهاتان ـ إذا ـ فريتان على الله ، إحداهما قضية الإيمان ، وكأنه يأمرنا بتلك العودة ، وأخراهما قضية التحيز المجرد عن الإيمان والإشراك مهما كان حالة الإيمان.
أجل ، وإن تكاليف الخروج عن ملة الطاغوت ـ مهما عظمت