الرسول .. هذا هو الإرث الذي جاءت تنادي به في ساحة المسجد من خلال مطالبة فدك.
وسيان أكانت المطالبة بخطاب مدروس مرتجل ، أم ـ حتى ـ بخطاب لمحة التنقيح أو الإقحام ، كما يطيب القول للادعاء.
فقد يكفي أن تقود فاطمة قدميها إلى باحة المسجد ـ أن تقف أمام الخليفة بجبة وخمار ، أن ترمي إليه نظرة شزراء ـ أن تحرك يدا بمعصم نخيل ـ أن تؤمي ـ أن تقف لحظة ثم تنسحب كما ينسحب الظل ...
لقد شرحت في الخطاب رسالة أبيها ـ لا فقط لتشرح الرسالة المعروفة في أصلها لدى الحاضرين ـ بل لتعيّن مركزها ومركز علي من الرسالة ، منددة بالخليفة أنه مغتصب ميراثها ، فهل يصعب إذا أن يغتصب ميراث الخلافة المنصوصة؟.
أجل (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها ...) وهم غافلون بزهوة ميراث الأرض وزهرة الأرض عما يعنى منهم!.
ولكن الحاضر الذي لا حول عنه من العذاب : (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) سمع القلب ، فما لم يسمع القلب لا يتقلب الإنسان من الردى إلى الهدى ، مهما سمع بأذنه الكثير ، فإنه إذا ليس سمع القبول ، فسمع الإنسان سمعان ، سمع الأذن وسمع القلب ، فما لم تسمع القلوب لم تتجاوز العظات الآذان ، فهم من الذين (لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها) سمع الإنسان ، فإنما هو سمع الحيوان.
فهنا «نطبع» رفعا دون جزم يفصلها عن جزاء الشرط ، فهو خلاف جزاءه في قضية «لو» ومن الغريب عطفه على جزاء الشرط تلحيقا لحكمه به مع اختلاف الصيغة والصبغة!.
إذا ف (نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ) محتوم و (أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) مختوم إلّا ما شاء الله ، ثم الطبع والختم والرين والكنان والغشاوة والصد والمنع هي بمعنى في هذه الدركات السبع.