ثم (لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها) تختص بالوارثين المذنبين ، و «الأرض» هنا هي مطلق الأرض لا الأرض المطلقة ، فقد تعني أي أرض انقرض أهلوها وورثها آخرون مذنبون.
(تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ)(١٠١).
«تلك القرى» الرسالية المكلفة برسالات الله ، على مدار الزمن الرسالي «نقص عليك» قصا تاريخيا بعضا «من أنباءها» أمام الدعوات الرسالية (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) رسولية ورسالية ، ولكن (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا ...).
فهنا سلسلة موصولة من الرسل والرسالات بكل البسالات والحصالات ، وتقابلها سلسلة من التكذيبات.
وهناك ثالوث من غائلاتهم إذ «ما كانوا (لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ) وذلك : ١ تكذيب من قبل ، ٢ فطبع على قلوبهم ثم ٣ (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) من بعد ، لمكان ذلك الطبع بالطبع امتناعا بالاختيار.
فترى أن «من قبل» هنا تعني قبل ولادهم في الذر؟ ولا يعني الذر في آيته عالما قبل الولاد ، فيه واقع التساءل بين الله وبينهم ، إذ لا يذكره أحد حتى من كمّل المؤمنين ، فكيف يحتج عليهم ب «بلى» فيه ، على (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ ..)! ولا دور للإحتجاج بما هو منسي طليق لن يذكر.
ثم لم يكن في الذر منهم ومن كل الناس ـ أيا كان وكانوا ـ إلّا «بلى» وهنا (بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ)!.
فحتى ولو كان منهم «لا» فلا يستحقون بمجرده أن يطبع على قلوبهم إلّا إذا أصروا في التكذيب يوم التكليف! فقد يكفر مكلف بشرعة