الله إذا لما تصله حجتها ، أم وصلته ولمّا يفكر فيها ، أم فكر وكذب بها عجالة دون إصرار ، ولمّا يحن حين الطبع في هذه الثلاث ، اللهم إلّا إذا عاش تكذيبا بعلم وعناد ثم طال الأمد وزالت إمكانية الإيمان ، فهنا دور الطبع وكما هو باهر في آياته.
وهنا (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) تنفي كينونة الإيمان منهم بما كذبوا من قبل في هذه المرحلة الأخيرة من علم وعناد ، فطبع الله على قلوبهم بما كذبوا.
ف «ليؤمنوا» حذفا للناصبة : «أن» تعني «للإيمان» إذا فما كانوا للإيمان بما كذبوا ، إذ خرجوا عن إمكانيته بما كذبوا لحد طبع الله على قلوبهم.
أم هو «من قبل» ابتعاث الرسل؟ وقد ابتدأت البشرية بابتعاث الرسل ، إذ بزغت الرسالات بآدم (عليه السّلام)! ثم لا تكذيب قبل الرسل ـ لو صح التكليف قبلهم ـ إذ كانوا ضلالا لا على هدى ولا على ضلال التكذيب بالرسالات ولمّا تأت ، لو كانت البعثات الرسالة بعد ردح من خلق المكلفين.
ثم وليس كل تكذيب بعد بزوغ الرسالات مما يستحق الطبع على قلوب المكذبين! ، إنما هو التكذيب العاند العامد المستمر الذي لا مجال فيه للاهتداء.
أم تعني «من قبل» أنهم عاشوا زمنا للرسل أو الرسالات فكانوا مكذبين بها علما وعنادا فطبع الله على قلوبهم ، ثم استمروا في تكذيبهم بعد هذه العيشة المكذبة النكدة ، (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) لوقت ما بعد (بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) وكل ذلك كان في حضن الرسل ، أو الرسالات ، سواء أكانوا في فترة من الرسل والرسالات قائمة ، كالذين عاشوا بين آدم وإدريس ، وبين إدريس ونوح ، أم وبين المسيح ومحمد (عليهما السّلام) ـ كأطول فترة ـ : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ. لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٦ : ٦) (لِتُنْذِرَ