قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) (٢٨ : ٤٦) فهم (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢ : ٦) فالفترة بين الرسل ، وفيها فتور لبلاغ رسالاتهم لمكان التحريف والتجديف ، إن لها دورا دائرا مائرا في حصالة العناد اللدود.
أم وفي غير الفترة كما بين نوح وإبراهيم وموسى وكما في آيات يونس : (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ. ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) (١٠ : ٧٤ ـ ٧٥).
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ. ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (١٠ : ١٣) وآية الأنعام : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٦ : ١١٠). فالفترة بين الرسل هي من الظروف القاسية العاصية بطبيعة الحال ، لحقل التكذيب بالرسل ورسالاتهم ، فإذا جاء بعدها فقد يواجهون من قبل هؤلاء الالدّاء بتكذيبات وتعذيبات.
كما وان لتكذيب الرسل في زمنهم دور قاس في ملاحقة التكذيب ، علّه أقسى من دور الفترة ، فالعائش زمن الرسل برسالاتهم ، هو أنحس نكرانا لهم ولها مبدئيا ، مهما كان العائش الفترة بين الرسل هو أنحس منه نكرانا بطبيعة الحال ، وهما مشتركان في قساوة التكذيب ، مهما كان البعض أقسى من الآخر لملابسات أخرى ، أم لنفس الدور رسوليا وفترة بين الرسل.
(وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(١٠٢).
ذلك العهد هو عهد الفطرة كأول عهد ، ومن ثم عهد العقلية الإنسانية والشرعة الربانية حيث يتلوانه ، و «أكثرهم» هنا لا تعني أكثر