هنا يقول (مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) وهو بطبيعة الحال بأمر الله ، وهكذا علي (عليه السّلام) وبأحرى فأين ضرورة الخلافة في ثلاثين يوما أو أربعين من الخلافة بعد موت خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله وسلم).
وكما يقول : «واختصني بوصيته واصطفاني بخلافته في أمته فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ـ وقد حشده المهاجرون والأنصار وانغضت بهم المحافل ـ أيها الناس إن عليا مني كهار المؤمنون عن الله نطق الرسول إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه وأمه كما كان هارون أخاه لأبيه وأمه ، ولا كنت نبيا فأقتضي نبوة ، ولكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون صلى الله عليهما حيث يقول : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)(٣٥) وهنا نتبين أنه كان في قومه مفسدون يحاولون أن يحولوه عن صالح المجموعة فيوصيه أن يراقب الأوضاع بكل حائطة فلا ينجرف بجارف في خلافته.
وهنا لهارون مثلث من زوايا الخلافة المؤقتة ـ مما تصلح أن تكون نموذجة كاملة عن المستمرة ـ هي قاعدة الخلافة : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) ثم زاوية إيجابية هي الإصلاح : «وأصلح» ثم سلبية الإفساد : (وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) وهذان هما العمادان لكل داعية ربانية على درجاتهم. وعل «قومي» هنا دون «بني إسرائيل» لكون الشجرة المؤمنة أو جمع منهم كانوا فيهم.
ذلك موقف هارون (عليه السّلام) في حقل (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) وأين هو من موقف علي (عليه السّلام) من خلافة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد قال له : «أنت الخليفة من بعدي» (١) حيث «في النبوة
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٦٢ عن خطبة الوسيلة يقول فيها بعد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : واختصني .. وقد أوردنا قسما من متواتر حديث المنزلة في الفرقان ١٦ : ٨١ ـ ٨٧ على ضوء آية الوزارة فلا نعيد.