أهم مواضعه ، وهو هنا لو كانت الرؤية البصرية لله ، لكان تجليه تعالى نفسه في الجبل دون «تجلى ربه للجبل».
ثم ما هي الصلة بين إمكانية رؤيته تعالى لموسى وبين أن يستقر الجبل مكانه في ذلك التجلي ، إلّا أن يكون الجبل في ذلك التجلي مثالا لموسى (عليه السّلام) أنه لا يستطيع التجلي المعرفي القمة لله ما دام هو موسى الذي لم يبلغ مبلغ أول العارفين إلّا أن يموت في ذلك التجلّي ، ثم لا يفيده الموت أيضا أن يتجلى له ربه في الحالة التجردية البرزخية ، فإنما ذلك مخصوص بأول العارفين وخاتم النبيين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حين (دَنا فَتَدَلَّى. فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ... وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى. عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (٥٣ : ١٢) ولو لم يكن مكلفا باستمرارية هذه الرسالة التي تتطلب مواجهة الخلق لم يخرج عن هذه الحالة التجردية المعرفية القمة ، خارقة لكافة الحجب الظلمانية والنورانية بينه وبين الله ، حتى حجاب نفسه ، فلم يبق ـ إذا ـ حجاب لتلك المعرفة ، إلّا ذات الله التي لا ترتفع لأحد (١) وهنا :
أز آن ديدن كه غفلت حاصلش بود |
|
دلش در چشم وچشمش در دلش بود |
والتفصيل راجع إلى آيات الأسرى.
ذلك ، وعلّه سأل ربه بلفظة طلبة الرؤية التي ظاهرها طلبة قومه ، وهو يعني بها طلبته نفسه ، جمع جميل ما أجمله يجمع بين الأمرين الأمرين الأمرّين ، فليس يؤنب موسى بالأول لأنه سؤالهم ، ولا بالثاني لأنه سؤله قضية الشغف البالغ في سلك المعرفة الربانية (٢).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٦٦ في كتاب التوحيد خطبة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيها : فتجلى ، ومن خطبة الرضا (عليه السّلام): متجلّ لا باستهلال رؤية ، أقول : وتفصيل البحث حول الرؤية مذكور على ضوء (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ..) فراجع.
(٢) وقد يساعد كون سؤاله عن الرؤية المعرفية ما رواه في العلل عن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) انه سئل مما خلق الله عزّ وجلّ الذر الذي يدخل في كوة البيت! فقال : ان موسى (عليه السّلام) لما قال : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) قال الله عزّ وجلّ : ان استقر ـ