ومن رؤية العلم : (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٦ : ٧٤) (أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) (١١ : ٢٩) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) (٢ : ٢٤٣) (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) (١٠٥ : ١).
ومن رؤية المعرفة بالتدبر (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) (٢٥ : ٤٥) ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) (٢٢ : ١٨) ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) (٢٤ : ٤١).
وهكذا نجد استعمال الرؤية في مثلث العلم ، والمعرفة بالتدبر ، والمعرفة بالجهاد ، والأخيرة هي المعنية من رؤية الله ، ولأنها درجات حسب درجات العارفين فهنا الجواب لموسى :
(... قالَ لَنْ تَرانِي) ف «لن» تحيل الرؤية المطلوبة وهي بين إحالة أصلية فيما يراد رؤية البصر ، ورؤية نسبية في رؤية البصيرة ـ القمة ـ الخاصة بأوّل العارفين ، فأنت يا موسى «لن تراني» لا هنا ولا في الأخرى ما دمت أنت موسى المحدود بحدودك ، فلو رقيت إلى مرقى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لكنت تراه كما راه هو بنور المعرفة القمة ، ولكن رؤية البصر مستحيلة على أية حال وبأي مجال.
إذ (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
__________________
ـ اتخذ مع الله شريكا ، ويلهم ألم يسمعوا لقول الله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) وقوله لموسى : (لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكت الأرض وخر موسى صعقا ـ أي ميتا ـ فلما أفاق ورد عليه روحه قال سبحانك تبت إليك من قول من زعم أنك ترى ورجعت إلى معرفتي بك أن الأبصار لا تدركك (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) بأنك ترى ولا ترى وأنت بالمنظر الأعلى.
أقول : غير المصدق من هذا الحديث هو موت موسى ثم حياته لمخالفة النص.