(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(١٥٨).
هنا في هذه الإذاعة القرآنية مجاهرة صارحة صارخة بأممية هذه الرسالة السامية حيث تحلّق على الناس كل الناس ، فكما الله هو (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) كذلك هذه الرسالة الأخيرة تدير أمر الشرعة العالمية في السماوات والأرض ، دون إبقاء لمكلف في الكون إلّا وهي تشمله.
«فآمنوا» أيها الناس هودا ونصارى وسائر الكتابيين وغيرهم من المكلفين ملحدين ومشركين (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ...) كما وهو (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ، (فَآمِنُوا بِاللهِ) ـ (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) «ورسوله» الذي ملّك الدعوة الربانية لمن في السماوات والأرض ، وكما الله يحيي الأموات ويميت الأحياء ، كذلك يسلب الرسالة عن قوم ويرسلها إلى آخرين ، وذلك رغم المزعمة الإسرائيلية أن رسالة الله خاصة بهم.
(فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ) المبشّر به في كتاباتكم (الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ) فآمنوا أنتم بالله وكلماته ، ومنها هذا الرسول نفسه بكلماته.
ولأن السورة مكية وهذه الآية دعوة للناس كافة ، وقد كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في العهد المكي يعيش تحت كافة الضغوط المشركة ما يؤيس صاحب الدعوة عن تأثيرها حتى في بلده فضلا عن العالمين ، من هنا نعرف أن هذه الرسالة بدأت عالمية ، رغم الزعم الفاسد الكاسد أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن يخلد بخلده أن يمد بصره بهذه الرسالة إلى غير مكة ، وإنما بدء يفكر في توسعتها العالمية بعد أن أغراه النجاح الذي ساقته إليه الظروف المدنية.
كلّا يا هؤلاء الأغبياء! إن هذه الرسالة ختمت بما بدأت وبدأت كما