مسرفا ، وأما ألا تأكل مسرفا فضره أقل إلا إذا كان مضرا كما الأكل ، فكلا الأكل والشرب وتركهما إسرافا أو تبذيرا محرم فإنهما محرمان كضابطة عامة في كافة الحقول.
إذا ف (وَلا تُسْرِفُوا) تعم كل تجاوز كمي أو كيفي في الأكل والشرب وما أشبه من مصروفات هي إسرافات ، أم وأنحس منها تبذيرات.
فالمواد الدخانية كلها داخلة في حقل الإسراف ، أو التبذير ، فالجيگارة وما أشبه تنطبق عليها عناوين تالية :
١ الإسراف ٢ أو التبذير ٣ (إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) تنطبق عليها لو كان لها نفع بضمن الضرر الأكثر ، وقد تعرف علم الطب إلى أضرار الدخان ، مما يوحش الإنسان من عواقب السوء للمتعود به (١).
__________________
(١) منذ سنين عدة وقد تزايد السرطان في المجتمع البشري ، أخذ العلماء الأوروبيين والأمريكيين يحققون بحثا عن عوامل تزايد السرطان.
ففي سنة ١٩٥٢ جماعة من أطباء الأمريكيين فحصوا بصور موسعة عن السرطان ، فابتدءوا بمعتادي الدخان ، وكانت من نتائج تحقيقاتهم ما فجر العالم من نبأه ، إنهم حققوا في ولايات تسعة أمريكية ، وفحصوا عن أمزجة أناس بين خمسين وسبعين وحصلوا بعد سنة من فحصهم أن أكثرية المبتلين بالسرطان هم المعتادين بالدخان ، وقد يقدر ب ٤٠ / ١٠٠ أكثر من غيرهم ، حيث يموتون إثر الحملة القلبية والسرطان الرثوي ، وعلى إعلان هذه المزرئة ترك ٥ / ١ مليونا الدخان عن بكرته. ثم أخذت هذه الغوغائية من أخطار الجيگارة السرطانية انجلترا ، وهنا مقالة لجريدة انجليزية طبّية باسم «لانست» :
ليست اليوم من أيام المقالات الحدسية ، إنه يوم الجد الواقع ، فقد ابتلي بالسرطان واحد من (١١) شخصا كانوا يشربون الجيگارة يوميا ٢٥ ـ ٥٠.
هذه الجريدة وسائر الجرائد الأنجليزية كان تستند إلى تحقيقات الدكتور هانري كوهن ، فقد أثبت هذا الطبيب أنه يموت في انجلترا سنويا / ٠٠٠ ، ٢٠ شخصا على أثر السرطان الرئوي ، والشخص المتعود على الجيگارة بعدد (٢٥) يوميا يبتلى بالسرطان الرئوي أكثر من غيره ٥ / ١٠٠ ـ ٦ / ١٠٠ الى ٣٠ / ١٠٠.
والجريدة الطبية الانجلترية طلبت من جميع الأطباء أن يحرموا التتن والتنباك ، وأخيرا قدم اقتراح إلى المجلس النيابي البريطاني في أن يمنع بيع الجيگارة للشباب الأقل عمرا من (١٨) سنة.