بين المبدإ والمعاد لقوله (إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) بأصل الرسالة وهي ثالثة الأصول الدينية ، وكذلك الفروع الدينية لمكان (أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) حيث الاستغفار وهو طلب الغفر ينحو منحى معرفة شرعة الله وتطبيقها ، فإنها غافرة ساترة للأخطار دفعا ورفعا ، دفعا لما تهجم من أخطار ، ورفعا لما حصلت من ذي قبل ، فإن صالح العقيدة وصالح العمل هما مكفران لما يحصل من لمم وفوقه حسب الشروط المسرودة في القرآن.
فقد شمل «كتاب» هنا كلتي مرحلتي الإحكام والتفصيل لأصول الدين وفروعه ، منذ (أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) حتى التفصيل الأخير للكتاب وبهامشه السنة ، سواء أكان كتاب التكوين الأم بالنسبة لما كتبه الله في الفطر ، وكتاب التشريع الأم بالنسبة لما كتبه في ليلة القدر على قلب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولأن القرآن مقصود في هيكل التفصيل التأليف ، كما هو مقصود في التفصيل التنزيل ، لذلك لا يصح غيار في تفصيله التأليفي ، فإنه مقصود في هذه الدعوة الأخيرة العالمية.
إذا فتأليفه حسب ترتيب التنزيل ، أم موضوعيا ، أما أشبه من غيار عن الهيكل الموجود ، إنه معارضة لما أراده الله في كتابه من ترتيب رتيب.
وهكذا تفسيره خلاف التسلسل الموجود ، اللهم إلّا خاصة المواضيع المقصودة بخاصة الدعوة القرآنية لخاصة الظروف والمتطلّبات قضية مؤاتية البيئات.
(أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ)(٢).
فلقد توارد كلا الإحكام والتفصيل في ذلك الكتاب على توحيد العبودية الذي يتلو توحيد المعرفة ، وبينهما كل توحيد يحق في ساحة الدعوة الرسالية القرآنية ، ومنها :
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ