وسلب نسبي فيه إثبات مّا ك (تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً) (٤ : ٩) فإنه سلب نسبي وهو عن أنفسهم بالموت ، ثم إيجاب لهم أنفسهم حيث عاشوا بعدهم ، فقد يترك بعض ما أوحي إليه كتمانا عن أهليه ، أو نسيانا ، أم يترك تناسيا تركا لبلاغه المستمر للمكذبين به ، بعد ما بلغه ولم يزدهم إلّا زائدا من الهزء والتكذيب ، ولكنه لم يكن ليتركه رسوليا «نسيانا» أم رساليا تناسيا عن بلاغه إلى أهليه ، ولا عن غير أهليه ، وإنما «لعلك» بالنسبة لهؤلاء الأنكاد المكذبين.
وعلّ (بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) دون «كله» يعني الآيات التي تصرح بمعجزة القرآن ، ألا يتلوها ـ بعد ـ عليهم ، قضية تواتر نكرانهم لمعجزة القرآن ، فقد يهتم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يترك قراءة الوحي على هؤلاء المكذبين لمحات يسيرة أو كثيرة أو مع الأبد ، غضبا وعقوبة عليهم ، كما الله قد يسلب بعض عباده نعمة نتيجة كفرهم أو كفرانهم إياها و : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (٨ : ٥٣).
ولم يكن الرسول ليترك بعض ما يوحى إليه قضية ذلك التكذيب المتواصل المتعاضل إلّا بإذن ربه ، وقد عرف عدم إذنه تعالى بمثل هذه الآية فلم يتركه إذا ولن : ف (قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ) (٢١ : ٤٥).
فلا أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك الوحي ، ولا بعض ما يوحى إليه أو كاد ، وعله يترك بإذن ربه عقوبة عليهم ونكاية ولكنه لم يؤذن بذلك ، ولكنه لم يتركه لهم حتى نسبيا حيث ضمن له الله وطمأنه ، وأنه من رعيل النذر الذين عليهم الإنذار «عذرا أو نذرا» «عذرا» حين لا يؤثر الإنذار «أو نذرا» فيما يؤثر.
ف (أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) هي قولة غائلة هائلة ضد هذه الرسالة السامية قد تحرضه (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن يترك بعض ما أوحي إليه بلاغا لهؤلاء الإنكاد ، ولكنه معصوم بعصمة ربانية تحافظ على «لعلك ـ و ـ ضائق به صدرك» فهو نافض يديه