عن كل ما أوحي إليه دون إبقاء ، وكما نجد عشرات من الآيات التي تذكر مواجهته بها إياهم بهذه الذكريات وهم مكذبوه.
وهنا (بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) ليس إلا البعض الذي أحرجوه فيه ، كآيات التحدي التي تعرّف بالقرآن أنه أفضل آية رسولية ورسالية على مدار الزمن الرسالي ، ما نزلت منها وما لم تنزل بعد ، وكذلك آيات البشارات في كتابات السماء ، أن الله تعالى أودع فيها خبر هذه الرسالة السامية بكتابه المجيد.
فقد كان قضية ظرف النكران لأمثال هذه الآيات ، تطلبا بديلها ما ليست بآيات ك (أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ) أم أية خارقة ليست لتدل على الرسالة ك (أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) إذ (لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) كان قضيته أن يترك أمثال هذه الآيات التي ما كانت تزيدهم إلّا نفورا ، فلا يتلوها عليهم بعد ، بعد ما تلاها عليهم وما نفعتهم!.
ولكن الله لم يسمح له بهذا الترك رغم أنه قضية الحال اعتبارا بالصبغة الرسالية العامة : «عذرا أو نذرا».
ذلك ، فالمتوقع من النفس البشرية ـ لولا العصمة الربانية ـ أن تضيق صدرا بذلك الجهل القاحل ، والتعنت الماحل ، والاقتراحات السخيفة النحيفة التي تكشف عن بعدهم البعيد عن درك طبيعة الرسالة الربانية ووظيفتها.
فقد تشي هذه الآية وأضرابها بقساوة الجو لفترة حرجة مرجة في تأريخ الدعوة المحمدية (صلى الله عليه وآله وسلم) وما كان يعتور صدره المنشرح من ضيق بتكذيبه ، كما تشي بثقل المواجهة للجاهلية المتمردة المعاندة في الوقت الذي هلك فيه العشير والنصير ، وغمرت الوحشة قلب هذا البشير النذير ، وغشي الكرب على قلوب القلة المؤمنة بهذه الرسالة أمام الثلة الكافرة بها المكذبة إياها.
أفيقولون قد لا يكون هو رسولا إذ لم ينزل عليه كنز ولا جاء معه ملك :