للآخرة فله سعيه فيها وعند الله مزيد.
فمحور القصد في الآية هم الكفار الذين لا يعملون إلّا للحياة الدنيا ، لمكان «من كان» الدالة على الاستمرار في كل الأعمال ، و «ليس لهم إلا النار» وعلى هوامشهم المسلمون الذين قد يعملون أعمالا صالحة يقصدون بها الحياة الدنيا.
ذلك ، ولأن سنة الله جارية على الجزاء بالأعمال صالحة وطالحة هنا وفي الأخرى ، فلا تعجبك الأموال الوفيرة والقدرات والإمكانيات الكثيرة للذين يريدون بأعمالهم الحياة الدنيا وزينتها.
فلأن أكثر الجزاء للمؤمن هو في الآخرة ، وكل جزاء الكافر في الدنيا ، لذلك نرى زهر الحياة الدنيا لأهليها أكثر من أهل الآخرة ، وهنا نعرف المعني مما يروى أن «الدنيا سجن للمؤمن وجنة للكافر».
ذلك «وإنما الدنيا منتهى بصر الأعمى ، لا يبصر مما وراءها شيئا ، والبصير ينفذها بصره ، ويعلم أن الدار وراءها ، فالبصير منها شاخص ، والأعمى إليها شاخص ، والبصير منها متزود والأعمى لها متزود» (الخطبة ١٣٣).
فالحياة الدنيا هي لأهلها المبصرين إليها معمية ، وللمتذرعين بها إلى الحياة الأخرى المبصرين بها مبصرة ، فالدنيا في حد ذاتها ليست بمذمومة ولا ممدوحة ، وإنما هي مدرسة ينجح فيها جماعة ويسقط آخرون ، ف :
«أيها الذام للدنيا ، المغتر بغرورها ، المنخدع بأباطيلها ، أتغتر بالدنيا ثم تذمها؟ أنت المتجرم عليها أم هي المتجرمة عليك؟ متى استهوتك أم متى غرتك؟ أبمصارع آباءك من البلى ، أم بمصارع أمهاتك تحت الثرى؟ كم عللت بكفيك؟ وكم مرضت بيديك تبتغي لهم الشفاء ، وتستوصف لهم الأطباء ، غداة لا يغني عنهم دواءك ، ولا يجدي عليهم بكاءك ، لم ينفع أحدهم إشفاقك ، ولم تسعف فيه بطلبتك ، ولم تدفع عنه بقوتك ، وقد مثلت لك به الدنيا نفسك ، بمصرعه مصرعك ـ
إن الدنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار عافية لمن فهم عنها ، ودار